نظرة تحليلية للقيم الاستهلاكية من وجهة نظر البنائية الوظيفية ــ دراسة نظرية لأدبيات العلم

الملخص

إن تحليل موضوع القيم الاستهلاكية ينبغي أن ينطلق من منظور سوسيولوجي يتجاوز السلوكيات الفردية القائمة على الاختبار الفردي الذى يعتمد على التكلفة والعائد ، أو على الاتجاهات والدوافع الفردية بل النظر إلى القيم الاستهلاكية على أنها قيم ثقافة تتحرك عبر المجتمع وترتبط ارتباطا وثيقا بالعلاقات بين الأفراد والجماعات وبالتفاعلات المستقرة في الجماعة ، وارتباطها ببعض العوامل الثقافية ، والنظر إليها باعتبارها ظاهرة أعمق من كونها مادية ، حيث يشتمل الاستهلاك على جوانب مادية تنعكس في السلع والمقتنيات المختلفة ، وهو ظاهرة عامة لدى كل المجتمعات وهو مفهوم أكثر اتساعا من مجرد إشباع الحاجات البيولوجية ، بل يؤدى العديد من الوظائف في كل الثقافات ، تتعدى الاشباع المادي ، بل تخلق أشكالا من التمايز الاجتماعي والتناقضات الطبقية (1) فإعداد الطعام واستهلاكه يرتبط بالنسبة للبعض بقيم جمالية تذوقيه ، ويشر إلى البعض الآخر إلى المكانة ، ولا يعنى الفهم الشامل لظاهرة الاستهلاك عمومية الثقافة وارتباطها بالثقافة فحسب ، وإنما يعني النظر إلى الاستهلاك في جوانبه المادية والمعنوية ، الظاهرة والكامنة ، فالأفراد يستهلكون بجانب استهلاكهم السلع المادية الصور والمعاني المرتبطة بها ، كما أنهم يتخذونها رموزاً للتخاطب الصامت في الحياة اليومية (2)، وبالتالي لا بد من دراسة ا لظاهرة في سياقها البنائي الثقافي والتحولات المختلفة التي تطرأ على المجتمع سواء بفعل العوامل الداخلية أو الخارجية (3) كما أن المستهلك لم يعد الآن مستهلكاً فرداً ؛ بل أسرة أو وحدة معيشية تؤخذ فيها قرارات معينة تتصل بالاستهلاك ، وسلوك المستهلك لم يعد سلوكا مستقلا ، بل إن تفضيلاته تتغير عبر الوقت ؛ وذلك بفعل عوامل كثيرة ، والتي من بينها الإعلان وما يوفره من معلومات حول تفضيلات المستهلك وحاجاته ، وتأثير الاستعراض أو تأثير (4) ، وتلك الرموز التي تضفي العديد من المعاني المستهلك مما يستهلكه الآخرون. والدلالات الاجتماعية، وبالتالي يجب فهم موضوع الاستهلاك ليس فقط بوصفه استهلاكاً (5) .