تحليـــــــــل الجــــذور الثلاثيـــــة في معجـــــم المقاييــــــس علـــــى ضـــــــوء نظريـــــــــــــة الاشتقـــاق الأكـــــــــبر لابـــن جنّــــــــــــي . دراســـــة تحليلية في جذري (الحاء والدال والرّاء)، و(الخاء والدال والرّاء)

Résumé

مُقدّمــــــــــــــة :

    الحمد لله ربّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ثم أما بعد:

   فالاشتقاقُ يُعدّ مِن أشــــرف علوم العربية وأدقِّها، وعليه مدارُ علم التصريف في معرفة الأصلي  والزائد، وفي معرفة الأفعال والأسماء ، وهو من أهم ما تتميز به اللُّغة العربية ؛ حيث إنه الركيزةُ الأساسيّة لنمو اللُّغة ورقيها ، لذلك اهتــــم الدرس اللُّغوي بالاشتقاق، وبما أن اللُّغةَ العربيةَ هي المصدرُ المُوصّلُ إلى التفاهم بين المتخاطبين ، والسبيلُ المُؤدّي إلى تسهل عملية التواصل القائم على الفهم السليم للمعنى المعبِّر عن حاجات الإنسان المتجددة ؛ لذلك بحث الإنسان عن وسائلَ وكيفيات في اللُّغة تُعينه على التعبير عن حاجاته ، فكان الاشتقاقُ في مقدمة تلك الوسائل المعينة على التعبير عن طريق التوسُّع في الأداء اللُّغـــــوي، وقد كان ابن فارس تـوفي سنة  (395هـ) (1)، في مقدمة العلماء الذين وظّفوا دراسة الاشتقاق في  بيان العلاقات الدلالية بين الألفاظ ، فبنى مُعجمه على فكرة الأصل الدلالي الذي تـــــدور حوله كُلُّ مشتقاته وترتبط به دلاليا.

       هــــذا ويُعدُّ ابنُ جنّي تـوفي سنة  (392هـ) (2) أوَّلَ من تبصَّــــر إلى وُجود جنسٍ آخـــرَ للاشتقاق  غير الذي هو شائعٌ لدى الناس ، وقسّمه إلى أربعة أقسام : اشتقاق صغير، واشتقاق كبير، واشتقاق أكبر، والاشتقاق الكُبَّار، وموضوع هذا البحث هو الاشتقاقُ الأكبر، حيثُ تناولَ البحثُ تحليلَ الجذور الثلاثية في المقاييس على ضوء نظرية الاشتقاق الأكبر لابن جنيّ.

    وقد بُنيت فكرة الأصول في معجم المقاييس على تصنيف الجذور دلاليا تحت مسمى الأصل، وتعددت هذه الأصول في المقاييس فكان منها ماله أصل واحد، ومنها ماله أصلان، ومنها ماله ثلاثة أصول، ومنها ماله أربعة أصول، ومنها ماله خمسة أصول، وقد توخّــــى ابن فارس الدقّة في وضع دلالة تلك الأصول، في حين تناول ابن جنيّ بعضَ تلك الأصول بالتحليل، وبيانِ تراكبيها المُختلفة.